logo
الأرشيف اليمني
logo
الأرشيف اليمني

التحقيقات

استهداف منفذ جمرك عفار

٢٣ تموز ٢٠٢٠

اطبع المقال

مُقدمة

ذكرت تقارير نُشرت في المواقع الإخباريّة وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي استهداف طيران التحالف العربي، بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة، في الثاني من أيار/ مايو من العام الجاري بغارة جويّة، تجمّعًا للشاحنات في منفذ جمرك عفار في محافظة البيضاء وسط البلاد. وكانت هذه الشاحنات قادمة من ميناء عدن جنوبًا ومن الحدود اليمنيّة السعوديّة شمالًا إلى مناطق سيطرة جماعة أنصار الله المعروفة باسم الحوثيين، وكانت تحمل على متنها موادًا غذائيّة خاصة لتجّار محليين، مما أسفر عن سقوط ضحايا من بين السائقين، بينهم أجانب من جنسيّات مختلفة، وتدمير عددٍ من الشاحنات كانت متوقفة بسبب خضوع السائقين القادمين من الخارج لفترة الحجر الصحي، وذلك بعد وضع سلطات صنعاء مركزًا للحجر الصحي خاصًا بالشاحنات عند المنفذ منعًا لانتشار فيروس كورونا كوفيد-19.

كانت السلطات في صنعاء قد خصصت بدءًا من مطلع شهر آذار/ مارس الماضي ثلاثة مراكز حجر صحيّ للوافدين من الخارج بغرض مواجهة فيروس كورونا المُستجد في محافظة البيضاء، إحداها مدرسة تقع في منطقة عفار خاصة للمواطنين وأخرى في منفذ جمرك عفار مخصصة للشاحنات.

قبل الهجوم الأخير أعلنت قوات التحالف العربي بقيادة السعوديّة عن وقف إطلاق النار لمدّة أسبوعين، وهي مهلة قابلة لتمديد بطلب خاص من المبعوث الأممي، مارتن غريفيثس، فيما رفضت قوات الحوثيين الالتزام بوقف إطلاق النار في تغريدة  للناطق الرسمي لأنصار الله الحوثي محمد عبدالسلام . في الوقت الذي تشير تقارير إعلاميّة إلى وجود استهدافات سابقة بغارات جويّة للتحالف العربي لمواقع بالقرب من المركزين في أوقات متفرقة، وتوضّح صور الأقمار الصناعيّة[a][b][c] آثار دمار واسع لحق بمباني المكان مما يؤكد وجود استهدافات سابقة، فيما ذكرت تقارير إخباريّة مختلفة (تقرير١، تقرير٢، تقرير٣) إلى أنّ الهجوم الأخير الذي استهدف منفذ جمرك عفار في الثاني من أيار/ مايو قد استهدف معسكرًا للحوثيين في مديريّة السواديّة نتج عنها احتراق للعتاد وأُرفقت هذه التقارير بمشاهد أثبت التحقق منها إلى أنّها تعود للشاحنات في منفذ جمرك عفار، بينما لم يصدر أي تعليق على الحادثة من جانب قوات التحالف العربي حتى الآن.

يقع منفذ جمرك عفار في محافظة البيضاء وسط اليمن، وهي عقدة وصل بين شمال البلاد وجنوبها، إذ يمر من خلالها واحدٌ من أهم الممرات البريّة للمسافرين والبضائع بين مناطق سيطرة طرفي النزاع. تسيطر جماعة أنصار الله على مركز المحافظة وعلى غالبية المديريات فيها، فيما تسيطر قوات الحكومة اليمنيّة وقوات أُخرى قبليّة على مساحات متفرقة من المحافظة.

ماذا ومتى حدث الهجوم؟

في فجر الثاني من أيار/ مايو من العام الجاري تداولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار والقنوات الفضائيّة أنباءً عن تعرض منفذ جمرك عفار إلى غارة جويّة من طيران التحالف العربي، استهدفت شاحنات تجّار محليين تحمل بضائع غذائيّة ومواد كهربائيّة كانت موجودة في الحجر الصحي.

نشر حساب “المسيرة - عاجل” تغريدة على موقع تويتر عند الساعة 03:06 صباحًا تحمل أولى الأنباء التي تشير إلى الحادثة. كما نشر حساب “زيج اكيشن” على موقع يوتيوب فيديو يحتوي على مشاهد لاندلاع نيران ناتجة عن احتراق شاحنات، ووُصف الفيديو بأنّه الطيران يستهدف الجمارك.

يشير تحليل رابط الفيديو باستخدام أداة Youtube DataViewer، إلى أنّ توقيت نشر المقطع بعد تحويله للتوقيت المحلي كان بعد 28 دقيقة من تغريدة حساب “المسيرة - عاجل” على تويتر.

afar 02 صورة للتغريدة التي نشرها حساب المسيرة-عاجل على تويتر.

afar 03 صورة من الفيديو الذي نشره حساب زبج اكشن على يوتيوب.

afar 05   صورة من تحليل رابط الفيديو باستخدام اداة Youtube DataViewer.

فينا نقلت وكالة الأنباء اليمنيّة (سبأ)على موقعها بيانًا صادرًا عن مصلحة الجمارك تؤكد فيه أنّّه قد تمّ إبلاغ الأمم المتحدة بإحداثيات موقع ساحة الجمرك المستهدف عند بدء العمل به في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، كونه المنفذ الرئيسي لتدفق الغذاء والدواء، لا سيما بعد إغلاق وحصار ميناء الحديدة، مشيرةً إلى تواجد مئات الشاحنات المحملة بالغذاء في المركز.

afar 11 فقرة من بيان مصلحة الجمارك الذي نقلته وكالة الأنباء اليمنية سبأ.

في اليوم نفسه نشرت قناة “معلومة وترفيه” على موقع يوتيوب مقطعًا صوتيًا، تزعم بأنّه لسائق شاحنة مصري الجنسيّة في الجمرك يحدّث شخص على الهاتف قبل الحادثة، ويسمع السائق يقول: “كلنا هربنا من المكان لأن الطيران يضرب فوقنا، أنا بنام في العربية مش سايبها، لو مت متنساش اولادي في مصر هم برقبتك امانة، كله مستهدف كله مستهدف أنا..بنام في العربية”، ومن ثمّ يُسمع صوت أحد المسؤولين اليمنيين في الجمرك يخاطب السائق بصوت واضح : “ما أتت لي أي أوامر لخروج الشاحنات المصرحة أو غير المصرحة”…، ويظهر في تقرير لقناة المسيرة عند الدقيقة 8:55 ثانية سائق مصري يدعى محمد عبد العزيز يتحدث بلهجة مقاربة لما سُمع في المقطع السابق يقول إنّ “انا كنت واقف بيني وبين القصف والشاحنة  مسافة عشرة أمتار، وقفت مرعوب حسيت الشاحنة والأرض أن فيها كهرباء… ”،.

afar 07 صورة من تقرير قناة المسيرة يظهر فيه السائق المصري عند الدقيقة 8:55 ثانية.

يتطابق التوقيت الذي تمّ تحليله من المحتوى المُتاح على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الأخبار إلى أن ضربة الطيران كانت في حدود الساعة الثالثة والربع من فجر الثاني من أيار/ مايو 2020.

الموقع المستهدف

تشهد محافظة البيضاء معارك عسكريّة بين قوات الحكومة اليمنيّة وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، يتخللها غارات جويّة لطيران التحالف العربي، بقيادة السعودية، المواليه للقوات الحكوميّة، تستهدف مواقع وتعزيزات للحوثيين، أبرزها منطقة الوهابيّة في جبهة قانية غرب البيضاء، والتي تبعد حوالي 30 كيلومتر عن منفذ جمرك عفار الذي تعرض للهجوم في الثاني من أيار/ مايو.

نشر حساب “خرائط حروب الشرق الأوسط” على موقع تويتر تغريدة تحتوي على صورة مأخوذة من الأقمار الصناعيّة قبل يوم واحد من الهجوم، توضّح مناطق الاشتباك بما فيها منطقة قبيلة “آل عواض” التي تشهد توترًا عسكريًا وتحشيدًا لمسلحين قبليين وهي تبعد عن منفذ عفار الجمركي حوالي 20 كيلو مترًا، فيما يبعد الطريق الرئيسي الذي تمر منه تعزيزات جماعة “أنصار الله” نحو مناطق الاشتباك عن الجمرك المستهدف حوالي أربعة كيلومتر، مما يجعل النقطة الجمركيّة عرضة للاستهداف.

afar 09 تغريدة من حساب “خرائط حروب الشرق الأوسط”

afar 01 صورة من  الأقمار الصناعية من Google earth  توضح المسافة بين مناطق الاشتباك و الجمرك المستهدف

قام فريق الأرشيف اليمني بتحليل المعالم التي ظهرت في المحتوى مفتوح المصدر الذي نُشر بعد استهداف جمرك عفار في محافظة البيضاء، كما قام بمطابقة تلك المعالم مع صور الأقمار الصناعيّة من Google earth، مما مكّن الأرشيف اليمني من تحديد الموقع المستهدف، والذي تطابق مع المحتوى البصري الذي ظهر في تقرير قناة المسيرة.

صور الأقمار الصناعيّة من Google earth تمت مقارنتها مع صور من تقرير لقناة المسيرة لتحديد الموقع المستهدف

صور من تقرير لقناة المسيرة تمت مقارنتها مع فيديو من حساب “زيج اكيشن”

الأضرار الماديّة

يكشف تحليل الأضرار الناجمة عن استهداف جمرك عفار بغارة جويّة إلى احتراق تسع شاحنات بالكامل بما تحمله من بضائع تجاريّة، إضافة الى تضرّر شاحنة وسيارة دفع رباعي  بشكل جزئي، وذلك استنادًا إلى المشاهد الحيّة الواردة في مقاطع الفيديو والصور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

ففي مقطع فيديو مدته 24 دقيقة نشرته قناة المسيرة على موقع يوتيوب في يوم الهجوم تحت عنوان “مشاهد تفصيليّة لجريمة قصف العدوان السعودي الامريكي لجمرك ومحجر عفار بمحافظة البيضاء”، تمّ رصد الأضرار التي لحقت بالشاحنات بالكامل، تطابق مقطع الفيديو، بعد المقارنة، مع المعالم الليليّة في الفيديوهات التي نشرها آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي.

صور ماخوذة من فيديو نشرته قناة المسيرة توضح فيها احتراق تسع شاحنات إضافة الى تضرّر شاحنة وسيارة دفع رباعي  بشكل جزئي

السلاح المستخدم

بحسب شهادات سائقي الشاحنات وعاملين كانوا في الجمرك أثناء الهجوم، وردت في تقرير قناة المسيرة، فضلًا عن المقطع الصوتي للسائق المصري المتوفر على يوتيوب، أفادوا أن الهجوم كان بواسطة طيران التحالف العربي بقيادة السعودية، مشيرين إلى تحليق الطيران في سماء المنطقة قبل وبعد الهجوم استمر لمدة ساعات.

لم يتمكن فريق الأرشيف اليمني من العثور على صور لبقايا السلاح المستخدم في الهجوم في المحتوى البصري المُتاح لتحليله، إلّا أن الشهادات المتطابقة للمواطنين والسائقين بما فيهم الأجانب، فضلًا عن حجم الدمار الذي لحق بالشاحنات يمكّن من التثبت من أنّ الهجوم كان عن طريق غارة جويّة.

afar 06 صورة مأخوذة من فيديو لقناة هنا المسيرة توضح فيها أن الهجوم  كان عن طريق غارة جوية

الضحايا:

تتضارب الأنباء حول عدد ضحايا الهجوم، حيث لم يتمكن الأرشيف اليمني من الحصول على أرقام رسميّة وموثّقة للضحايا، فيما يؤكد طبيب يعمل في منفذ جمرك عفار لمراسل قناة المسيرة أثناء ظهوره في التقرير المُشار إليه سابقًا، عند الدقيقة 15:10، إنّ الجرحى الذين تم إسعافهم على متن سيارة الإسعاف هم أربعة أشخاص من جنسيات مختلفة، إضافة إلى وجود عدد من المفقودين، في الوقت الذي لا تتوفر فيه احصائيات رسميّة دقيقة.

في التقرير نفسه قال شخص آخر، عند الدقيقة 7:13 ثانية إنّهم “كانوا متواجدين، عمال ومخلّصين (مخلص جمركي)، جرحى تمّ إسعافهم إلى صنعاء عددهم ثلاثة إصابتهم جانبية وإلى الآن سليمة، وعدد السائقين المفقودين إلى الآن ثلاثة أشخاص لا نعلم عنهم هل كانوا في داخل الشاحنات أم خارجها”.

logo

الأرشيف اليمني

الأرشيف اليمني هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع اليمني. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

Mnemonicالأرشيف السوريالأرشيف السودانيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية