logo
الأرشيف اليمني
logo
الأرشيف اليمني

التحقيقات

قصف منزل سكني في مديرية مقبنة

٢٣ كانون الثاني ٢٠٢٤

اطبع المقال

ملخص الحادثة:

  • الحادثة: قصف منزل سكني في مديرية مقبنة
  • الموقع: قرية الغوشة، عزلة أخدوع أسفل، مديرية مقبنة، غرب محافظة تعز.
  • التاريخ: 24 آب/أغسطس 2023
  • التوقيت: 18:00 - 19:39 بتوقيت اليمن
  • الضحايا: مقتل 5 مدنيين، بينهم 4 أطفال، وإصابة 12 آخرين، بينهم 8 نساء وطفلين
  • الأضرار المادية: تضرر شديد لمنزل أحد المدنيين
  • الذخائر المحتملة: قذائف هاون متوسطة إلى ثقيلة، وربما قذائف هاون عيار 120 ملم
  • الانتهاك المحتمل: القانون الدولي الإنساني؛ يجب حماية المدنيين والأعيان المدنية من الهجمات في النزاع المسلح وفقا لوضعهم المدني
  • المسؤول المحتمل: “القوات المشتركة في الساحل الغربي”

مقدمة

مساء 24 آب/أغسطس 2023، نشرت وسائل إعلام محلية ومصادر في وسائل التواصل الاجتماعي تقارير عن قصف منزل أحد المدنيين في قرية الغوشة، وهي منطقة صغيرة في عزلة منطقة أخدوع أسفل، إحدى نواحي مديرية مقبنة غرب محافظة تعز اليمنية. كانت هذه المنطقة تقع وسط الخطوط الأمامية، وشهدت مواجهة عسكرية متصاعدة في الأيام التي سبقت الهجوم. أدى التفجير إلى مقتل 5، بينهم 4 أطفال، و12 جريحا، بينهم 8 نساء وطفلين، معظمهم من عائلة واحدة. تبادلت الأطراف الاتهامات واختلفت الآراء بشأن المسؤول عن التفجير، إلا أن نتائج التحقيق تشير إلى أن القوات المشتركة في الساحل الغربي قد تكون هي من نفّذ الهجوم.

عن المنطقة

تقع قرية الغوشة في عزلة أخدوع أسفل بمديرية مقبنة غرب محافظة تعز. المواجهة العسكرية في محافظة تعز بشكل عام ليست حديثة. وكانت مناطق مختلفة داخل تعز مسرحاً للهجمات، بما في ذلك تلك التي استهدفت المدنيين ومنازل المدنيين، من قبل القوات المشتركة في الساحل الغربي وكذلك قوات الحوثيين أنصار الله. في هذا السياق، تعتبر هذه المنطقة من أقرب المناطق إلى خطوط الاشتباك، وشهدت تصعيداً عسكرياً متزايداً، وخاصة خلال الفترة المحيطة بالحادثة موضوع هذا التقرير. يمكن رؤية عديد من السواتر الترابية والخنادق التي تشير إلى وجود عسكري نشط في قرية الغوشة، وكلها على مسافة قريبة من بعضها (حوالي 200-350 متر). كما رُصد موقع عسكري آخر على مسافة (حوالي 2 كلم غرباً) من بقية المواقع العسكرية. استنادا إلى المعرفة السياقية الداعمة بأن الحادث وقع في الخطوط الأمامية أو حولها، يمكن افتراض أن أحد الأطراف انخرط في القتال من مجموعة السواتر والخنادق في القرية مع طرف آخر يتمركز دفاعه في الموقع العسكري على بعد بضع كيلومترات.

group 542 1

لقطة شاشة من غوغل إيرث برو تظهر الخطوط الأمامية. تشير الدائرة البيضاء المتقطعة إلى محيط السواتر والخنادق الترابية المجاورة (المحددة بالدبابيس الصفراء من 1 إلى 5) قرب قرية الغوشة. يشير الدبوس الأحمر خارج الدائرة البيضاء إلى الموقع العسكري الآخر ويقع بعيدا نسبيا عن بقية المواقع. يشير الخط الأزرق إلى المسافة المقدرة بـ 2 كيلومتر بين نقاط دفاع الطرفين.

إحداثيات المواقع العسكرية الخمسة هي:

  1. 13.878670, 43.599253
  2. 13.884622, 43.598663
  3. 13.884751, 43.601113
  4. 13.884075, 43.603743
  5. 13.876772, 43.603749

إحداثيات الموقع العسكري على بعد حوالي 2 كيلومتر: 13.887095, 43.582541

group 521

لقطة مكبرة من غوغل إيرث برو للموقع العسكري المفترض تبعيته للقوات المشتركة في الساحل الغربي، والذي يقع على بعد نحو 2 كيلومتر غرب قرية الغوشة وباقي السواتر الترابية – ما يؤكد صحة الادعاءات أن موقع الحادثة كان في الخطوط الأمامية.

يُعتقد أن المواقع العسكرية ضمن المجموعة السواتر الترابية تابعة لقوات الحوثيين أنصار الله لسببين رئيسيين: 1) ادعى المتحدث الرسمي باسم محور تعز العسكري، العقيد عبد الباسط البحر، أن المنطقة كانت خارج نطاق عملياتهم، و 2) رغم أن التحركات العسكرية الأخيرة ليست محدثة بشكل كامل، إلا أن خريطة لايف يونيفرسال أويرنس توضح بشكل تقريبي مناطق السيطرة الفعلية حينها، وبالتالي تقدم سياق للفترة الزمنية وأنماط السيطرة التي تضع قرية الغوشة تحت سيطرة الحوثيين.

group 547

لقطة شاشة من خريطة لايف يونيفرسال أويرنس تظهر بشكل تقريبي مناطق السيطرة حول قرية الغوشة (المشار إليها بالدائرة الأرجوانية المتقطعة). يشير الدبوسان الفيروزيان إلى الموقع التقريبي للموقع العسكري (الدبوس الأيسر) ومجموعة السواتر الترابية (الدبوس الأيمن) يشير الرموز إلى أن المناطق الحمراء خاضعة لسيطرة قوات الحوثيين أنصار الله، والمناطق الزرقاء خاضعة لسيطرة القوات المشتركة في الساحل الغربي المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية. لقطة الشاشة التقطها الأرشيف اليمني في تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

المنهجية

حقق الأرشيف اليمني في القصف استناداً إلى:

  • جمع وحفظ وتحليل مقاطع الفيديو والصور والتقارير في منصات وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. يتعلق هذا المحتوى بالحادثة وتداعياتها (مثل ترتيبات الجنازة، والدمار المادي الناجم عن الانفجار، وما إلى ذلك)، والسياق المحلي بما فيه النشاط العسكري الأخير في المنطقة، بالإضافة إلى معلومات حول المساءلة عن الهجوم.
  • تحديد تاريخ ووقت الهجوم باستخدام عمليات البحث المتقدمة في تويتر لتتبع التغريدة الأولى حول الحادثة، مدعومة بنتائج TweetedAt التي تستخدم الهندسة العكسية للإشارة إلى التوقيت الدقيق للمنشور. تم تضييق النافذة الزمنية للحادثة اعتماداً على لقطات مقابلة مع أحد الشهود، بالإضافة إلى أدلة من مكان الحادثة من المسعفين، وساعة غروب الشمس التي أشار إليها موقع World Weather Online يوم الهجوم.
  • تحديد منطقة التأثير التقريبية من خلال مقارنة المعالم الموجودة في المعلومات المتاحة في صور الأقمار الصناعية، وتحديداً معالم سلسلة الجبال والأدلة على الخطوط الأمامية العسكرية القريبة.
  • تقييم مدى الضرر الذي سببته القذيفة.
  • البحث واستنتاج نوع محتمل من الذخائر المستخدمة في الهجوم بناء على شهادات شهود عيان من المقابلات والآثار وحطام الانفجار.
  • النظر في الروايات المختلفة حول مرتكب الجريمة المزعوم والتي نشرتها مختلف الجهات الفاعلة بما فيها وسائل الإعلام المحلية، والموظفين الحكوميين، والمنظمات غير الربحية، والتصريحات المدنية.

الحادثة

مساء 24 آب/أغسطس 2023، تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة أخبارا تفيد بإصابة عدد من المدنيين نتيجة سقوط قذيفة مدفعية على منزل أحد المدنيين في عزلة أخدوع أسفل بمديرية مقبنة. لم تذكر الموجة الأولى من التقارير عدد الضحايا، ولكن في وقت لاحق من الليل وفي الأيام التي تلت، أعلِن عن مقتل 5 مدنيين، من بينهم 4 أطفال، وإصابة 12 آخرين، من بينهم 8 نساء وطفلين، وينتمي معظم الضحايا إلى العائلة نفسها. تم إدخال الضحايا إلى مستشفى 48 النموذجي، وعولج الجرحى (تحذير: محتوى قاسي) وتم إعلان وفاة القتلى (تحذير: محتوى قاسي). يأتي هذا الحادث في وقت اشتدت فيه المواجهات العسكرية بين قوات الحوثيين والقوات المشتركة للساحل الغربي في المناطق المتاخمة، ولم يتم التوصل إلى إجماع حول المسؤول عن التفجير حيث كانت هناك ادعاءات ضد الجانبين. مع ذلك، يشير موقع المنزل بالنسبة لخطوط الاشتباك ومناطق السيطرة إلى أن المنزل كان وسط مواقع دفاع عسكرية للحوثيين وقت الهجوم وأن القوات المشتركة في الساحل الغربي هي المرتكب المحتمل.

تاريخ ووقت الهجوم

يبدو أن التقرير الأول عن الحادثة في وسائل التواصل الاجتماعي كان تغريدة من الحساب الشخصي لجميل المقرمي تشير إلى قصف على عزلة أخدوع في مديرية مقبنة. تكشف أداة TweetedAt أن المنشور نُشر في الساعة 19:39 في 24 آب/أغسطس 2023 بالتوقيت المحلي في اليمن.

group 523

لقطة شاشة لبيانات TweetedAt لتغريدة جميل المقرمي، أول حساب ذكر الحادثة، تظهر أنها نُشرت في الساعة 09:39:48 بالتوقيت الباسيفيكي (19:39:48 بالتوقيت المحلي في اليمن) في 24 آب/أغسطس 2023. التقط الأرشيف اليمني الصورة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

تضمنت الأخبار اللاحقة مقطع فيديو (تحذير: محتوى قاسي) نشرته قناة تلغرام التابعة للمركز الإعلامي لأنصار الله، حيث ذكر أحد الشهود المدنيين أن القذيفة أصابت المنطقة قبل وقت الصلاة عند غروب الشمس. باستخدام فئة التاريخ في World Weather Online، تم تحديد أن غروب الشمس كان الساعة 18:21 يوم الحادثة في تعز.

group 539

لقطة شاشة من البيانات التاريخية لموقع World Weather Online والتي تُظهر أن غروب الشمس في 24 آب/أغسطس 2023 كان الساعة 18:21 بالتوقيت المحلي لليمن. التقط الأرشيف اليمني الصورة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

استنادا إلى إفادة الشاهد والخلفية المعتمة للقطات الضحايا الذين تم نقلهم إلى سيارة الإسعاف والمستشفى على الحمالات، من المحتمل أن يكون التوقيت المحتمل للحادثة قبل غروب الشمس بقليل.

group 525

لقطة شاشة من فيديو المركز الإعلامي لأنصار الله في تلغرام، يُظهر أحد الضحايا أثناء نقله إلى سيارة الإسعاف. تشير الخلفية والأضواء على بشرة الأشخاص إلى تجاوز وقت الغسق. التقط الأرشيف اليمني لقطة الشاشة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

group 526

لقطة شاشة من فيديو في يوتيوب نشره تلفزيون اليمن يُظهر المرضى أثناء دخولهم إلى المستشفى. من الواضح تجاوز وقت الغسق في الخارج. التقط الأرشيف اليمني لقطة الشاشة في حزيران/يونيو 2023.

الموقع الجغرافي

أشارت الأخبار المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الحادثة وقعت في مديرية مقبنة، وتحديداً في قرية الغوشة التابعة لعزلة أخدوع أسفل، والتي تظهر حدودها أدناه:

group 527

لقطة شاشة من خرائط غوغل توضح حدود عزلة أخدوع أسفل.

نظراً إلى أن منطقة أخدوع أسفل لا تزال تتوسع إلى حد ما، ساعد عنصران في تضييق النطاق الجغرافي المحتمل لموقع الحادثة بشكل كبير: 1) المعلومات التي تحدد موقع منزل المدني المتأثر وسط الخطوط الأمامية العسكرية، و2) سلسلة جبال في خلفية هذا الفيديو التي شاركها حساب اليمن في عيون العالم في تويتر.

رغم أن “الغوشة” (والتنويعات الأخرى لاسم القرية) لم تكن موقعا مسجلا في أنظمة الجغرافيا/رسم الخرائط الشائعة مثل خرائط غوغل، أو غوغل إيرث برو، أو خريطة الشارع المفتوحة، إلا أنها كانت موجودة في خريطة لايف يونيفرسال أويرنس. عند استخدامها في غوغل إيرث برو، أظهرت إحداثيات الغوشة الموجودة في خريطة لايف يونيفرسال أويرنس وجود سواتر ترابية وخنادق واضحة في المنطقة في صور الأقمار الصناعية.

group 528

أربع لقطات شاشة من غوغل إيرث برو بتاريخ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وتظهر فيها 5 مواقع عسكرية (لقطة الشاشة أسفل اليسار تتضمن نقطتين عسكريتين متجاورتين) حول قرية الغوشة.

تم تأكيد منطقة البحث الجديدة هذه بسلسلة الجبال الظاهرة في فيديو اليمن في عيون العالم. باستخدام PeakVisor، وهو تطبيق ملاحي ثلاثي الأبعاد يضم تحديد متقدم للجبال يسهل نمذجة التضاريس بدقة عالية، تمكن الأرشيف اليمني من مطابقة قمم وانحدارات التضاريس الواضحة في موقع الحادثة مع شكل سلسلة الجبال في هذه المنطقة في غوغل إيرث برو.

group 545 1

group 530

مقارنة سلسلة الجبال: الصورة في الأعلى لقطة شاشة من PeakVisor مضافاً فوقها طبقة للقطة شاشة أخرى من فيديو اليمن في عيون العالم باستخدام النظام الأساسي لتحديد التضاريس ونمذجتها. تم تحديد محيط التضاريس بخطوط واضحة للمساعدة في التأكد من الشكل (القمم والانخفاضات المميزة) لسلسلة الجبال. الصورة السفلية لقطة شاشة من غوغل إيرث برو بتاريخ: 27 كانون الثاني/يناير 2023، تظهر سلسلة جبال توازي السلسلة في موقع الحادثة (الصورة العلوية). الرسوم التوضيحية أنشأها الأرشيف اليمني.

كما ساعدت معالم الجبل في تحديد الإحداثيات المحتملة لموقع الحادثة نظرا لوجود عدد قليل من منازل المدنيين في ضواحي عزلة أخدوع أسفل. فيما يلي 3 مواقع محتملة للمنزل المدني المتأثر وموقعه بالنسبة للسواتر الترابية والخنادق المذكورة سابقاً.

قائمة الإحداثيات للمواقع الثلاثة المحتملة:

  1. 13.8790, 43.6021
  2. 13.881511, 43.600830
  3. 13.883778, 43.600302

group 531

لقطة شاشة من غوغل إيرث برو، بتاريخ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، توضح المواقع العسكرية المختلفة بالأبيض المتقطع, الدبابيس الحمراء الثلاثة تمثل مواقع الحادثة المحتملة.

الأضرار المادية

تشير مقاطع الفيديو المتداولة في يوتيوب وتلغرام وتويتر، والمنشورات النصية في تويتر وفسبوك والمواقع الإخبارية المحلية، إلى إصابة منزل مدني في الهجوم. حددت معظم المصادر أن هذا المنزل يعود للمواطن عبدو فيصل محمد مقبل، إلا أن بعض المصادر تحدثت بشكل عام عن تعرض عدد من المنازل في المنطقة للهجوم، مشيرة إلى أن المنازل المجاورة تعرضت أيضاً إلى بعض الدمار.

تُظهر لقطات من موقع الحادث أن المنازل في المنطقة كانت أكواخاً، مما يجعلها أكثر عرضة لأضرار كبيرة أو كاملة في حالة وقوع هجوم. بالإضافة إلى ذلك، تظهر في الفيديو أشياء (غير قابلة للتعرف) متناثرة على الأرض. نظراً إلى أن أحد شهود العيان ذكر في مقابلة أنهم كانوا يعيشون في كوخ صغير، فمن الممكن أن يكون منزل مدني واحد على الأقل دُمر بالكامل في الهجوم.

group 529

لقطة شاشة من فيديو اليمن في عيون العالم تظهر موقع الضربة، وهي الأكواخ التي تؤوي المدنيين في المنطقة بالإضافة إلى أشياء صغيرة متناثرة على الأرض. التقط الأرشيف اليمني الصورة في كانون الأول/ديسمبر 2023.

الذخائر المحتملة المستخدمة

نظراً لعدم وجود صور مرئية لبقايا القذيفة، لا يمكن التأكد من ماهية الذخيرة من خلال المعلومات المتوفرة في هذا الوقت. مع ذلك، تُقلص الشهادات المدنية وتحليل الأثر عدد الاحتمالات. في فيديو في تلغرام (تحذير: محتوى قاسي)، ادعى أحد الشهود أن المنطقة أصيبت بقذيفة هاون عيار 120 ملم. للعلم، يتم تصنيف أثقل قذائف الهاون على أنها قذائف هاون عيار 240 ملم، ولكن يمكن أن تكون “خفيفة” مثل قذائف هاون عيار 51-60 ملم (تعتمد تصنيفات قذائف الهاون على وزنها وعيارها، لكن الحد الأقصى لمداها وشدة انفجارها يزداد بشكل عام مع حجمها). اعتماداً على إفادة الشاهد، بالإضافة إلى احتمال تدمير كوخ صغير بالكامل، وكذلك صغر قطر الحفرة وعمقها عند نقطة الارتطام، فمن المرجح أنها ذخيرة متوسطة الحجم.

group 532

لقطة شاشة من فيديو اليمن في عيون العالم تظهر المكان المحدد الذي يجب أن تكون القذيفة سقطت فيه بسبب المساحة الصغيرة المستديرة في الأرض والمحاطة بالحطام. التقط الأرشيف اليمني لقطة الشاشة في كانون الأول/ديسمبر 2023.

المسؤول المحتمل

لم يتم التوصل إلى رأي واحد حول الجهة المسؤولة عن الهجوم حيث نشرت شبكات الأخبار الموالية للحوثيين وكذلك الموالية للتحالف، والمتحدثين الرسميين الحكوميين والعسكريين، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، روايات مختلفة.

اعتماداً على مجموعة مقابلات مع الضحايا والشهود والعاملين الطبيين التي أجريت في المستشفى مباشرة بعد الهجوم (تحذير: محتوى قاسي)، ذكر أحد المدنيين أن القذيفة التي أصابت منزلهم أطلقتها القوات المشتركة في الساحل الغربي بعد أن سأل المراسل الشاهد من أين أتت الذخيرة. في إجابته، وصف المدني القوات المشتركة بالساحل الغربي بـ “العدو”.

في الأيام التالية للهجوم، نشرت صحيفة يمن برس تقارير عن ردود فعل محلية من محافظة تعز وسكان البلدة على حد سواء. فيما يتعلق بالأولى، كررت الصحافة اليمنية تصريحات السلطة المحلية في تعز التي أشارت إلى أن هذه حلقة أخرى في سلسلة جرائم الحرب المزعومة التي ترتكبها القوات المشتركة في الساحل الغربي. حيث روت يمن برس تفاصيل الوقفة الاحتجاجية التي جرت يوم الثلاثاء بعد الهجوم (29 آب/أغسطس 2023م) التي نظمها سكان مديرية مقبنة للتنديد بأعمال القوات المشتركة للساحل الغربي والقوات المسلحة، ونمطهم في قصف المدنيين والبنية التحتية المدنية.

في السياق نفسه، نشرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) تصريحات متعددة لمجموعات ومنظمات مختلفة أدانت الهجوم وكافة الجرائم الأخرى التي ارتكبتها القوات المشتركة بالساحل الغربي، وألقت اللوم عليها، بما في ذلك البيانات الصحفية للمركز اليمني لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية للمرأة. أما جمعيات أخرى، مثل الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، فقد أبدت آراء مخالفة وأرجعت الهجوم وما نتج عنه من إراقة الدماء إلى تصرفات قوات الحوثيين أنصار الله.

نفى المتحدث الرسمي باسم محور تعز العسكري العقيد عبد الباسط البحر هذه الاتهامات، مؤكدا أن الجيش يلتزم بشكل صارم بقوانين الحرب الدولية التي تحمي المدنيين والأعيان المدنية. أضاف أنه رغم تعرضه لإطلاق نار كثيف من قبل قوات الحوثيين قبل 3 أيام، إلا أن الجيش لم ينتقم نظراً لأن قواعد الحوثيين تقع وسط قرى يسكنها مدنيون، وهو ما يراه استراتيجية متعمدة تعرض المدنيين للخطر من خلال تحويلهم إلى دروع بشرية.

رداً على هذه الاتهامات أيضاً، أجرى مدير عام مديرية مقبنة حميد الخليدي مقابلة مع المشاهد ليؤكد أن القصف المدفعي مصدره قوات الحوثيين أنصار الله وأن أي ادعاءات بخلاف ذلك هي مسعى من أنصار الله الحوثيين للتستر على جرائمهم، وأنهم لم يوفروا حتى الممتلكات المدنية. في سياق موقع الهجوم، أشار الخليدي إلى أن منزل المدني يقع على الخطوط الأمامية. رغم أن الموقع الدقيق لمنزل المدني كان ضمن حدود منطقة سيطرة الحوثيين القريبة من الخطوط الأمامية، إلا أن الحرف 28 أشارت إلى أن مصادر محلية وعسكرية ما زالت تزعم أن قوات الحوثيين أنصار الله شنت الهجوم من أجزاء من الأرض التي تسيطر عليها. لم يتم إثبات هذه الادعاءات من قبل المصادر ولم تكن خاصة بهذا الحادث بالذات؛ بل كانت عبارة عن ملاحظات عامة للتعبير عما اعتبروه نمطاً منتظماً لقصف الحوثيين لمنازل المدنيين، ولا تختلف هذه الحالة عن ذلك.

يبدو هذا غير مرجح، إلا إذا كان الهجوم ربما نتيجة خطأ في التصويب، لأنه لن يكون من المعقول أو المنطقي أن تستهدف قوات الحوثيين أنصار الله موقعاً يقع ضمن مناطق الأراضي التي تسيطر عليها بالفعل. ينطبق هذا بشكل خاص على الخطوط الأمامية حيث يعمل كل طرف لتوسيع مناطق سيطرته. من الناحية العملية، من المرجح أن يكون القصف المدفعي من قبل القوات المشتركة في الساحل الغربي، لأن وجود المنزل داخل الجانب الحوثي من الخطوط الأمامية يعد مؤشراً أساسياً على وصول القنبلة من الطرف الآخر.

تاريخياً، كانت القوات المشتركة للساحل الغربي وقوات الحوثيين أنصار الله متواطئة في أنماط الهجمات ضد المدنيين والأعيان المدنية. كشف التقرير النهائي المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 من فريق الخبراء المعني باليمن أن الهجمات التي شنها مرتكبون مختلفون أدت إلى سقوط ما مجموعه 1436 ضحية بين المدنيين في الفترة من كانون الأول/ديسمبر 2022 إلى 31 آب/أغسطس 2023. عرض التقرير السابق للجنة في فبراير/شباط 2023 مزيداً من التفاصيل، مثل المعلومات المتعلقة بعدة هجمات شنتها قوات الحوثيين أنصار الله على المدنيين والبنية التحتية المدنية (بما في ذلك الهجمات في تعز)، والتي بلغت ذروتها بمقتل 13 مدنياً إلى جانب 43 جريح. مع ذلك، ذكر التقرير أيضاً نفس الانتهاكات التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية، وخلص إلى أن ضرباته أسفرت عن سقوط 267 ضحية مدنية بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2022، وهذا يفوق بكثير التأثير المدني للهجمات التي يقودها الحوثيون. لذلك، فإن الأنماط التاريخية للهجمات المقترنة بالسيطرة المحلية تشير إلى أن القوات المشتركة في الساحل الغربي هي المرتكب المحتمل في هذه الحادثة.

الضحايا

حددت مسار للإعلام أن أنصار الله الحوثيين هي الجهة المسؤولة عن الهجوم، وحددت قناة سهيل الفضائية، الحصيلة بـ 5 قتلى و12 مصاباً، لكن وكالة الأنباء اليمنية ذكرت سقوط 3 قتلى و14 مصابا نتيجة لأفعال القوات المشتركة في الساحل الغربي. اتفق المصدران على هوية الضحايا. يكمن التناقض في التفصيل (قتيل مقابل جريح) للضحيتين (منصر عزي فيصل محمد مقبل وعبد الحي سعيد محمد). نشر المصدران أرقامهما في 25 آب/أغسطس 2023، والتوقيت الزمني في موقع مسار الإعلامي هو 22:36 والتوقيت الزمني في وكالة الأنباء اليمنية غير متوفر. أكدت التقارير اللاحقة عن الجنازة أن العدد النهائي للضحايا كان 5 قتلى. لذلك، ربما تكون وكالة الأنباء اليمنية أوردت هذا الخبر في وقت سابق من اليوم قبل وفاة الضحيتين متأثرتين بجراحهما.

نُقل الجرحى إلى مستشفى 48 النموذجي. أثناء دخولهم المستشفى، قام عدد من أعضاء مجلس الشورى، بمن فيهم نائب رئيس مجلس الشورى (ضيف الله رسام)، والأمين العام (علي عبد المغني)، وممثل محافظة الضالع (حسين واصل)، وآخرين، بزيارة المرضى وتم إبلاغهم بحالتهم وإصاباتهم والعلاج المناسب من قبل موظفي المستشفى. تحدث المسؤولون في مجلس الشورى ضد الهجوم والأنشطة “الوحشية” الأخرى للتحالف الذي تقوده السعودية.

القتلى:

  1. عبده فيصل محمد مقبل 
  2. منتصر عبده فيصل محمد مقبل (4 سنوات)
  3. شجون العزي فيصل محمد مقبل (6 سنوات)
  4. منصر العزي فصيل محمد مقبل (4 سنوات)
  5. عبد الحي سعيد محمد مقبل (10 سنوات)

المصابون:

  1. عمار سعيد محمد مقبل (6 سنوات)
  2. فايزة فيصل محمد مقبل (11 سنة)
  3. مجد الدين عبده فيصل العمر (سنتين) 
  4. نورية حسن سيف (13 سنة)
  5. حورية حسن فرحان (15 سنة)
  6. صفية فيصل محمد مقبل (17 سنة)
  7. بشار فيصل محمد مقبل 
  8. صفية حسن فرحان
  9. وهبه علي محمد مقبل
  10. انيس حسن سيف
  11. مريم خادم
  12. سعده شريان ناجي

بعد أربعة أيام من الهجوم، في 28 آب/أغسطس 2023، أجريت ترتيبات جنائزية لخمسة قتلى. اجتمع المشيعون في أخدوع أسفل وصلّوا معاً. بعد التشييع، أفادت التقارير أن الحشد خرج في مسيرة احتجاجية على الانتهاكات الدولية واعتداءات القوات المشتركة في الساحل الغربي على المدنيين.

خلاصة

تكشف المعلومات مفتوحة المصدر المتوفرة أن القصف المدفعي الذي تعرض له منزل أحد المدنيين في قرية الغوشة في عزلة أخدوع أسفل، بمديرية مقبنة غرب محافظة تعز، وقع بتاريخ 24 آب/أغسطس 2023 بين الساعة 18:00 و19:39. أدى الهجوم إلى مقتل خمسة أشخاص، بينهم أربعة أطفال، وإصابة 12 آخرين، وألحق أضراراً جسيمة بأكواخ المدنيين في المنطقة. قبل الحادثة، كانت هناك زيادة في المواجهات العسكرية في المنطقة التي يبدو أنها تقع قرب خطوط المواجهة. تشير المعلومات إلى أن القوات المشتركة في الساحل الغربي هي مرتكب الهجوم المحتمل، إلا أن التفاصيل غير القاطعة والروايات المتضاربة من مصادر مختلفة جعلت من تحديد المسؤولية أمراً صعباً. تؤكد تعقيدات تحديد المسؤولية في مناطق النزاع على الحاجة إلى التدقيق المستمر، وتعزيز الأدلة، والنظر في التقارير الخارجية من أجل فهم أكثر شمولاً للحادثة. بالنظر إلى أن بعض جوانب التحقيق لا تزال غير حاسمة، ويرجع ذلك أساساً إلى عدم كفاية المعلومات السمعية والبصرية، من الضروري مواصلة حفظ الأدلة في القنوات مفتوحة المصدر المتعلقة بالحادثة لمحاولة لتسهيل التحقيقات المستقبلية وتوفير نوع من الخاتمة لعائلات الضحايا والناجين – الذين لم يتم اقتراح أي شكل من أشكال التعويضات لهم وسط مناشداتهم للمجتمع الدولي لوضع حد للهجمات العشوائية على المدنيين والبنية التحتية المدنية.

الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي

تضم هذه الحادثة انتهاكات لحقوق المدنيين والأعيان المدنية في الحماية من الهجمات العشوائية بموجب القانون الإنساني الدولي. في السياق اليمني، حقائق هذه الحادثة تثير القضايا التالية، التي تحكم مدى تطبيق القوانين الدولية المختلفة وأهميتها:

  • الصكوك القانونية التي تحظر صراحة الهجمات على الأهداف المدنية
  • مدى انطباق تلك القوانين على نزاع غير دولي (داخل الحدود)

الهجوم على هدف مدني

مبدأ التمييز هو حجر الزاوية في القانون الإنساني الدولي وينص على وجوب حماية بعض الأشخاص والأعيان من الهجمات أثناء النزاع المسلح بسبب وضعهم المدني. تتحمل جميع أطراف النزاع المسلح مسؤولية التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية والامتناع عن استهداف الأشخاص أو الأعيان المدنية. يدور الصراع اليمني بين جهات حكومية وغير حكومية، وبالتالي يتم تصنيفه على أنه نزاع مسلح غير دولي. قد تصبح الخطوط الفاصلة بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية غير واضحة أحياناً في سياق النزاعات المسلحة غير الدولية، لكن عدم اليقين هذا لا يعفي جميع الأطراف من التزامهم بالامتناع عن استهداف أعيان مدنية بشكل واضح.

يوجد ثلاثة مصادر رئيسية للقانون الدولي الإنساني التي تنطبق على النزاعات المسلحة غير الدولية مثل النزاع في اليمن: المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف، والبروتوكول الإضافي الثاني (1997)، والقواعد العرفية للقانون الإنساني الدولي (اللجنة الدولية للصليب الأحمر). تحمي كل من المادة 3 المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني المدنيين والمجتمعات المدنية، لكنهما لا يحميان صراحة الأعيان المدنية، مثل المنازل. مع ذلك، أصبح حظر استهداف الأعيان المدنية قاعدة عرفية مقبولة عالمياً ومنصوص عليها في القاعدة 7 من القواعد العرفية للقانون الإنساني، التي وضعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. تنص القاعدة 7 على أنه لا يجوز مهاجمة جميع الأعيان المدنية ما لم يتم إعادة توجيهها لتحقيق أهداف عسكرية. تم تجسيد هذا المبدأ أيضاً في قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1970 في قرار الجمعية العامة رقم 2675 وتم تضمينه أيضاً في القرارات الأخيرة، مثل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2624 (2022) الذي يدين توجيه الهجمات على وجه التحديد ضد الأعيان المدنية في اليمن، وقانون المعاهدات الأخير، أي في البروتوكول الثاني المعدل لاتفاقية أسلحة تقليدية معينة (المادة 3 (7)). بالإضافة إلى ذلك، في قضية مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها أمام محكمة العدل الدولية، استشهدت عدة دول بمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية. ذكرت المحكمة في رأيها أن مبدأ التمييز هو أحد “المبادئ الأساسية” للقانون الإنساني الدولي في جميع النزاعات.

وتشير المعلومات المتاحة مفتوحة المصدر أنه في هذه الحالة، لم يكن المنزل هدفاً مشروعاً للهجوم. كان عيناً مدنياً لم يتم تحويله إلى هدف عسكري أو إعادة استخدامه ليناسب الأهداف العسكرية، ولم يكن المنزل يساهم بأي حال من الأحوال في عمل أي طرف من أطراف النزاع، وبالتالي لا يمكن اعتباره هدفاً مسموحاً باستهدافه عسكرياً. بالإضافة إلى ذلك، تشير الوثائق التي تم جمعها بأنه كان هناك عديد من الضحايا والإصابات في صفوف المدنيين مرتبطة بالهجوم.

ينتهك هذا النوع من الانتهاك للمحاكمة بموجب القانون الجنائي الدولي، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة 1 (2) (هـ) (ط) من نظام روما الأساسي التي تحظر توجيه الهجمات ضد السكان المدنيين، والمادة 8 (2) (هـ) (12) التي تحظر تدمير ممتلكات العدو ما لم يكن هذا التدمير “مقتضياً بشكل حتمي لضرورات النزاع”. في التحليل أعلاه، تم اعتبار الحوثيين جهة فاعلة “غير حكومية”، باعتبارهم المرتكب المحتمل. رغم أن بعض أدوات وسبل الانتصاف بموجب القانون الدولي تنطبق على الجهات الحكومية، إلا أن الأدوات المرتبطة بحقائق هذه الحادثة تنطبق بنفس القوة على الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية. رغم أن اليمن وقع على نظام روما الأساسي، ولكن لم يصادق عليه، الدول الموقعة على المعاهدة ولكن لم تصادق عليها تظل ملزمة بالامتناع عن “الأفعال التي من شأنها أن تحبط موضوع المعاهدة والغرض منها”، وفقاً لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات.

logo

الأرشيف اليمني

الأرشيف اليمني هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع اليمني. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

Mnemonicالأرشيف السوريالأرشيف السودانيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية