التحقيقات
هجوم استهدف مطار عدن الدولي
٩ شباط ٢٠٢١تحقيق يتناول استهداف مطار عدن الدولي بتا ريخ الـ30 من ديسمبر 2020
اطبع المقال
ملخص الحادثة
- حول الحادثة: هجوم على مطار عدن الدولي
- مكان الحادثة: مطار عدن الدولي في مديرية خور مكسر، شرقي محافظة عدن ( العاصمة اليمنية المؤقتة )
- التاريخ: 30 ديسمبر/كانون الأول 2020
- التوقيت: بين الساعة 13:24 والساعة 13:25 بحسب التوقيت المحلي لليمن
- الضحايا: 17 قتيلاً، وأكثر من 120 مصاباً
- نوع الهجوم: قصف صاروخي
- الذخيرة المستخدمة: غير معروفة
- المسؤول المحتمل عن الهجوم: قوات تابعة لجماعة أنصار الله “الحوثيين”
المقدمة:
تداولت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء الموافق لـ 30 كانون الأول / ديسمبر 2020، أنباءً تتضمن صورًا ومقاطع فيديو عن استهداف مطار عدن الدولي بثلاثة صواريخ أثناء وصول طائرة تُقلّ الحكومة اليمنية المكونة من رئيس الوزراء و23 وزيراً، إلى المطار، عقب تشكيلها وفقاً لاتفاق الرياض. سقط أحد الصواريخ على صالة الاستقبال في المطار، فيما سقط الآخران بين المبنى والمدرج الرئيسي. أسفر الهجوم عن مقتل وجرح عدد من المدنيين المتواجدين أثناء وصول طائرة وفد الحكومة.
حول المنطقة:
يقع مطار عدن الدولي في مديرية خور مكسر شرقي المدينة على الطريق الساحلي المؤدي لمحافظة أبين جنوبي اليمن. أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، محافظة عدن عاصمة مؤقتة للبلاد مطلع عام 2015، جراء تمرد جماعة أنصار الله “الحوثيين” وسيطرتهم على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة.
بعد زحف عسكري باتجاه العاصمة المؤقتة عدن وقصف قصر المعاشيق - مقر إقامة الرئيس - بالطيران الحربي من قبل القوات الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح وجماعة أنصار الله “الحوثيين”؛ سيطرت القوات القادمة من الشمال على معظم مديريات المدينة، قبل أن يتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية بطلب رسمي من الرئيس اليمني ويستعيد المحافظة أواخر يوليو 2015.
تراجعت القوات الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح وجماعة أنصار الله “الحوثيين” إلى محافظات مجاورة للعاصمة المؤقتة عدن، أبرزها الجزء الشرقي من محافظة تعز وشمال محافظة الضالع وأجزاء من محافظة أبين، وتمركزت في مناطق يمكن إطلاق صواريخ بعيدة المدى وطيران مسير منها، كما حدث في هجوم سبتمبر 2019، الذي استهدف أحد قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، وتطورت الأحداث التي أدت أخيراً إلى إخراج الحكومة اليمنية من عدن بعد مواجهات عسكرية استمرت لعدة أيام.
ماذا حدث ومتى؟
نحو الساعة تقريباً بين الساعة 13:24 والساعة 13:25 من بعد ظهر الأربعاء الموافق لـ 30 ديسمبر 2020، وأثناء التغطية المباشرة لمراسم وصول الحكومة اليمنية المشكلة حديثاً، والقادمة من الرياض، سقط الصاروخ الأول على صالة الاستقبال في المطار، ما أدى إلى حالة من الإرباك والتوتر، سُمع على إثره أصوات إطلاق رصاص حي في المطار.
عدة لقطات مأخوذة من مقاطع فيديو نشرتها قناة العربية وقناة الجزيرة حول الحادثة
اختلفت الروايات في تفسير سبب الانفجارات في الدقائق الأولى من الهجوم، ما بين قذائف هاون وطائرات مسيرة، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أنها كانت عبوات ناسفة زرعت في المطار.
لاحقًا، نشرت قناة العربية مقطع فيديو يحتوي لقطات بالتصوير البطيء للحظة سقوط الصاروخ الثاني الذي استهدف مدرج المطار.
مقطع فيديو مأخوذ من فيديو قناة العربية والذي يوثق بالتصوير البطيء لحظة سقوط أحد الصواريخ
أسفر الهجوم عن سقوط قتلى وجرحى من مدنيين كانوا ينتظرون وصول الحكومة اليمنية، وسط اتهامات ونفي بين الأطراف عن مسؤولية الهجوم.
تغريدة حساب قناة الحدث على تويتر.
الذخيرة المستخدمة في الهجوم:
ذكر “محمد الحيدري”، خريج علوم عسكرية، في منشور له على صفحته الشخصية على فيسبوك، أن الذخيرة المستخدمة في الهجوم، وفقًا لمقاطع الفيديو المنشورة عقب الحادثة، يُحتمل أن تكون صواريخ بالستية ـ والتي تستخدمها قوات تابعة لجماعة أنصار الله “الحوثيين”، مرجحاً أن إطلاق الصواريخ كان من مطار تعز الدولي.
صورة لمنشور “محمد الحيدري” على فيسبوك.
نشرت صحيفة عدن الغد على صفحتها على فيسبوك، مقطع فيديو يعود للإعلام الحربي التابع لجماعة أنصار الله “الحوثيين” أثناء إطلاق صاروخ بالستي، مع تساؤل الصحيفة عن احتمالية ضلوع قوات تابعة لجماعة أنصار الله “الحوثيين” باستهداف مطار عدن.
صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته صحيفة عدن الغد
وكان عناصر جماعة أنصار الله “الحوثيين” قد استولوا على ترسانة الدولة الصاروخية عقب تمردهم المسلح عام 2015، كما طوّروا من قدراتهم الصاروخية خلال الأعوام الستة من الحرب، و أنتجوا العديد من الصواريخ البالستية بعيدة المدى، اسُتخدمت في ضربات أصابت العمق السعودي ومواقع أخرى في مأرب والساحل الغربي.
صورة أرشيفية نشرها موقع أنصار الله توضح تطويرهم للصواريخ البالستية
لقطة مأخوذة من فيديو قناة “ا لعربية توضح لحظة انفجار الصاروخ الثاني الذي استهدف مطار عدن. لقطة من فيديو صحيفة المصري اليوم تصوّر الفجوة التي خلفها انفجار الصاروخ في مطار عدن. لقطة من فيديو صحيفة المصري اليوم على موقع يوتيوب.
من خلال تحليل لقطات مقطع فيديو صحيفة المصري اليوم على يوتيوب ومنشور “محمد الحيدري” على فيسبوك؛ يمكن تحديد اتجاه إطلاق الصواريخ التي أصابت الحائط الشمالي من مبنى الاستقبال في مطار عدن الدولي، ما يدلّ على أن الإطلاق كان من جهة الشمال.
بعد التحليل فإن هناك احتمالين لجهة إطلاق الصواريخ من قبل جماعة أنصار الله “الحوثيين”، من محافظتي ذمار وتعز - التي تنقسم خريطة السيطرة فيها بين قوات الطرفين-.
صور أقمار صناعية من موقع Google Earth.
الاحتمال الأول:
تم إطلاق صاروخين من محافظة ذمار:
بعد البحث في المحتوى البصري مفتوح المصدر المنشور يوم الهجوم، عثرنا على ثلاثة مقاطع فيديو تظهر إطلاق صاروخين، وأشارت المصادر إلى أن إطلاق الصاروخين كان من منطقة “ذمار القرن” جنوبي مركز المدينة باتجاه عدن.
بمقارنة شكل الغيوم التي ظهرت في عدد من الفيديوهات المنشورة من قبل مصادر محلية، من بينها حساب حسين صاران، حافظ مطير إضافة لصفحة ”قبيلة جابر الشيخ” على فيسبوك، نلاحظ تطابق كتلة الغيوم القريبة من مسار الصاروخين، ما يؤكد تصوير مقاطع الفيديو من أماكن متقاربة.
عدة لقطات مأخوذة من مقاطع فيديو نشرتها حسابات حسين صاران، حافظ مطير، وقبيلة جابر الشيخ على فيسبوك
يحتوي مقطع الفيديو الذي نشره حساب حافظ مطير على فيسبوك على معالم بارزة يُحتمل أن تكون قريبة من مكان إطلاق الصاروخين، وهي عبارة عن عدد من المباني الكبيرة المتجاورة وطريق إسفلتي بجانبه غرفة صغيرة وقطعة أرض زراعية، بالإضافة للمبنى الذي يقف أمامه المصور. بالبحث عن هذه المعالم عبر صور الأقمار الصناعية من Google Earth في منطقة “ذمار القرن” حدّد الأرشيف اليمني موقع التقاط الفيديو عند الإحداثيات 14.514387, 44.409254، والتي تبعد 900 متر تقريباً من المركز التدريبي للشرطة والذي يقع عند الإحداثيات 14.511746, 44.416689
صور بانورامية مأخوذة من مقطع فيديو نشره حساب حافظ مطير على منصة فيسبوك.
صورة أقمار صناعية من Google Earth للمعالم البارزة المُحدّدة
أظهر مقطع فيديو ثانٍ نُشر من قبل حساب حسين صاران على فيسبوك زاوية مختلفة لانطلاق الصاروخين؛ وفيه يظهر مبنى على شكل ربع دائرة بمحاذاة طريق رئيسي ومن خلفه مبنى، حيث يمكن رؤيتهما معاً عند إنشاء صورة بانورامية للمشاهد من ذات الفيديو. استطاع الأرشيف اليمني تحديد موقع التصوير عند الإحداثيات 14.538085, 44.431170 والذي يبعد 3 كم شمالي مركز التدريب.
صورة بانورامية من مقطع فيديو نشره حسين صاران على فيسبوك، وصورة أقمار صناعية من Google Earth.
تمّ تحليل الظلال الظاهرة في مقاطع الفيديو المنشورة من قبل مصادر محلية، من بينها حسابات حافظ مطير وحسين صاران على منصة فيسبوك، باستخدام أداة shadow calculator، وتبيّن أن توقيت التقاط مقاطع الفيديو كان حوالي الساعة 13:22 بالتوقيت المحلي لليمن، قريبًا من توقيت سقوط الصاروخ الأول على مطار عدن.
صورة لتحليل الظلال الظاهرة في مقطع فيديو نشره المصدر المحلي حافظ مطير باستخدام أداة shadow calculator
صورة لتحليل الظلال الظاهرة في مقطع فيديو نشره المصدر المحلي حسين صاران باستخدام أداة shadow calculator
بعد تحليل الأدلة البصرية والمعالم البارزة المحدّدة في الفيديوهات المفصّلة أعلاه وتحديد مواقع تصوير هذه المقاطع أثناء انطلاق الصواريخ، أصبح من الممكن تحديد موقع إطلاق الصواريخ ووجهتها كما هو موضح أدناه.
موقع التصوير الأول:
موقع التصوير الثاني:
صورة عبر الأقمار الصناعية من موقع Google Earth، توضح مواقع التقاط الفيديوهات وموقع المركز التدريبي
بعد تحديد الموقع الجغرافي لتصوير مقاطع الفيديو عبر تحليل المعالم البارزة فيها، وتحديد التوقيت التقريبي لالتقاطها عبر تحليل الظلال، يمكن التأكيد على أن مقاطع الفيديو التُقطت في ذمار القرن بالقرب من توقيت سقوط الصاروخ الأول على مطار عدن الدولي. وبالنظر إلى اتجاه الصواريخ الظاهرة في مقاطع الفيديو، وزاو ية إصابتها للجهة الشمالية من المطار، يمكن التأكيد على أن الصاروخ الأول أُطلق من منطقة “ّذمار القرن” في محافظة ذمار شمالي عدن، ويرجّح أن إطلاقه كان من المركز التدريبي للشرطة الواقع في المنطقة نفسها.
لقطة مأخوذة من فيديو صحيفة ” المصري اليوم” على يوتيوب.
صور أقمار صناعية من موقع Google Earth، بعد تثبيت خط مستقيم يصل المركز التدريبي للشرطة في ذمار بمبنى الاستقبال في مطار عدن الدولي.
موقع التصوير الثالث:
في 31 كانون الأول/ ديسمبر نشرت قناة “شوف معنا shoof maeana” مقطع فيديو رابع على موقع يوتيوب يوضح لحظة إطلاق الصواريخ، إذ يُسمع بوضوح ترديد شعار “الحوثيين” من قبل عدد من الأشخاص بجانب المصور، وبحسب ما جاء في الوصف أسفل المقطع بأن مكان الإطلاق كان من منطقة الجند في محافظة تعز، غير أن تحليل الأدلة البصرية يؤكد خلاف ذلك.
كذلك يمكننا ملاحظة تطابق شكل كتلة السحب في السماء مع كتلة السحب التي ظهرت في المقاطع السابقة، ما يؤكد أن تصوير مقطع الفيديو تم من محافظة ذمار.
لقطة مأخوذة من فيديو قناة “شوف معنا shoof maeana” على موقع يوتيوب.
من الواضح أن زاوية التصوير الثالثة مختلفة قليلاً عن السابق، بعد تحليل الأدلة البصرية التي ظهرت في الفيديو ( طريق رئيسي وفرعي - مباني - جبال ) ومقارنتها مع صور الأقمار الصناعية من Google Earth الرأسية، والصور بوضعية من على سطح الأرض، تمكنا من تحديد موقع التصوير عند إحداثية 14.530046, 44.407487 في محافظة ذمار على بعد 2 كم متر شمالي المركز التدريبي للشرطة.